الحضور الكريم،
يطيب لنا أن نرحب بالمشاركين في هذا المؤتمر الإقليمي حول المرأة العربية والسلام والامن.. التحديات أمام النساء في الوطن العربي تحت شعار "وقف الحرب على غزة.. الأن وليس غدا".
ونود في مستهل هذا المؤتمر، أن نشكر معالي السفير عبد الله اليحيا وزير الخارجية على رعايته لهذا المؤتمر والذي يمثله في حفل الافتتاح هذا معالي الشيخ/ جراح جابر الأحمد الصباح، كما يسرنا أن نعرب لمنظمة المرأة العربية، عن عظيم امتناننا وتقديرنا الكبير للجهود الخيرة المبذولة في مجال الارتقاء بحقوق المرأة. ولا يفوتنا في هذا المقام تثمين موقف القيادة السياسية التاريخي والمشروع منذ ١٩٤٨ مع الشعب الفلسطيني ومطالبه المشروعة والعادلة، وهو كذلك الموقف الشعبي الذي ما فتأت مختلف أطياف الشعب الكويتي في التعبير عنه.
لذلك حرصنا بكل عناية على اختيار موضوع هذا المؤتمر، والذي ينعقد في ظروف عالمية متقلّبة، وفي أكثر من جزء في ربوع وطننا العربي، ولعل من أهمها العدوان على غزة، وفي مرحلة تواجه فيها الإنسانية أشكالا عديدة من التوترات والنزاعات بما يجعل من نقاشنا اليوم حول موقع المرأة ومكانتها في مفهوم أمن الإنسان والسلام أمرا ضروريا ومشروعا وملحا.
لقد تطور الوضع السياسي في السنوات العشرين الأخيرة وتفاقمت الحروب والنزاعات الداخلية. فبعد 75 سنة وازيد من 100 يوم لا يزال العدوان علي الفلسطينيين مستمرا. ومع تطور التكنولوجيا والآلات الحربية، فإن الضرر الاقتصادي والبشري يزداد فداحة، وبالتالي تتفاقم معاناة المرأة بشكل خاص. وفي الحروب تصعب المطالبة بالتغيير وإعمال حقوق المرأة إذ يحظى الوضع العام ومصير البلد بالأولوية. وتتعرض النساء لجرائم العنف بدرجات أكبر خلال الحروب وبعدها. ونادراً ما تأخذ العمليات الإغاثية والمساعدات الدولية واقع المرأة اليومي في عين الاعتبار كما أن المساهمات القليلة للحكومات في تقديم المساعدات تنفيذا للبرامج نادراً ما يراعى فيها البعد النوعي في التخطيط والتنفيذ. ويشير تقرير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي إلى أن المرأة هي أكثر من يعاني من وطأة الاحتلال والحروب، كما هو الحال في فلسطين واليمن والسودان وسائر البلدان التي تعاني من النزاعات مسلحة.
فحماية المرأة وضمان حقوقها في أيام الحرب تبدأ في أيام السلم عن طريق تغيير القوانين، ودمج مفهوم المساواة بين الجنسين في طريقة عمل المؤسسات الحكومية والأهلية وإعداد البرامج الكفيلة لتغيير الصور النمطية للمرأة وتبديل الأفكار حول قيمة المرأة كإنسان.
ونستغل هذه الفرصة لنقدم تحية اجلال وتقدير للمرأة الفلسطينية المقاومة والصامدة والمؤمنة على عطائها اللامحدود ونكران الذات التي تجابه به غطرسة المحتل وجرائمه، في ظل ظروف تصعب المقاومة والصمود في ظلها.
لقد نص إعلان بيروت للمرأة العربية سنة 2004 على أن المساواة والتنمية لا يتحققان في انعدام السلام وأن العقبة الأساسية أمام المرأة تتمثل في الاحتلال والاستيطان والتهديد، وطالبوا الحكومات العربية بإزالة العقبات السياسية والأمنية التي تعوق تقدم المجتمع والمرأة، ووضع استراتيجيات لتمكين المرأة، وزيادة الميزانيات والموارد البشرية المخصصة للبرامج المعنية بالمرأة، وتخصيص حصة للمرأة في المؤسسات الرسمية والتشريعية لضمان زيادة مشاركتها في العمل السياسي، وإدراج مفهوم المساواة بين الجنسين في السياسات التنموية، وإيلاء الاهتمام اللازم لتعليم الفتاة والمرأة، والعمل على إزالة الصور والأفكار التي تنطوي على تمييز ضد المرأة وتكرس الصورة النمطية السلبية عنها من الكتب والمواد الإعلامية، وتأهيل المرأة وتدريبها لتولي المناصب القيادية، وتغيير القوانين المجحفة بحق المرأة.
كما اشار منتدى المرأة العربية والنزاعات المسلحة والذي عقد في بيروت مارس 2004، في بيانه الختامي إلى أن المرأة العربية هي الأكثر تضرراً من عواقب الاحتلالات والحروب والنزاعات المسلحة، وأوصى الدول والحكومات بوضع البرامج الخاصة لدعم المرأة في مقاومة الاحتلال ومساعدتها مادياً ومعنوياً على الصمود، ورفع الوعي الاجتماعي حول الآثار المدمرة للنزاعات المسلحة الحروب والاحتلالات كما هو الحال في غزة اليوم على المرأة والطفل والأسرة، وتعزيز الخدمات الضرورية لمساندة المرأة ذات الاحتياجات الخاصة الناشئة عن الاحتلال والنزاعات المسلحة كما هو الحال في اليمن والسودان، وسن التشريعات التي تضمن للمرأة مشاركتها في الحياة العامة.
إن الجميع يدركون أهميّة المواثيق الدولية المعنية بحقوق الانسان ولاسيما تلك المخاطبة الفئات الأكثر تضررا، وهو ما ساهم بدون شك في اعتماد جملة من المفاهيم والمقاربات، من أهمها مفهوم "أمن الإنسان" ومفهوم "تمكين المرأة" ومفهوم "حقوق الطفل"، لكن الجميع يدركون أيضا أن المواثيق الدولية والتشريعات الوطنية مهما علا شأنها، لا يمكن لها وحدها أن تحقّق الأمن الإنساني بما في ذلك أمن المرأة والطفل، إذ يقتضي الأمر، إلى جانب إقرار التشريعات الملائمة، اعتماد برامج عمل متواصلة على صعيد ترسيخ تلك المبادئ على أرض الواقع.
إننا على يقين أن مساهمة شخصيات بارزة كالسادة الذين يحضرون هذا المؤتمر كفيلة بفتح آفاق جديدة أمام النساء للمساهمة في المجهود التنموي الذي يخدم التطور الشامل والمستدام لبلداننا العربية وخصوصا في البلدان التي تعاني من نير الاحتلال أو التي تعيش أوضاع غير مستقرة.
وإذ نرجو كامل التوفيق لأشغال هذا المؤتمر فإننا نجدد الترحيب بالمشاركات والمشاركين فيه ونتمنى للجميع مقاما طيبا في بلدكم الثاني الكويت.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.